مكانة الفقيد فى مجتمع صنعفى :
مدينة صنعفى ، هذه المدينة الصغيرة التى تنام على صدر هضبة تحيط بها سلسلة من الجبال الشاهقة ، مدينة عشقها الفقيد فبادلته العشق والهوى ، اغترب عن ترابها مرتين لكنه عاد اليها ، اذ لم تكن قد فارقت مخيلته بعد اينما حل وارتحل ولكنه استقر فى حضنها فى عودة نهائية فى نهاية الثمانينيات .
من هنا بدأ رحلة طويلة سطرت علاقات حميمة بين هذه المدينة الحبيبة واهلها الطيبين الذى احبوه الفهم فالفوه ، وليس ادل على ذلك من ذلك المشهد فى مستشفى مدينة صنعفى قبيل رحيله بايام فقد جعلت الحشود البشرية التى جاءت لزيارة المريض – حينها – الحاج محمد سعيد - ، كثيرا من الاطباء يتضايقون نسبة لصعوبة العمل واداء الواجبات تجاه الفقيد حتى علق احدهم " علينا ترك هذا العنبر لهذا المريض لوحده ونرحل باقى المرضى " ، مما جعل محمد صنعفى شقيق الفقيد وابن المرحوم عمر يتولون حراسة الباب المؤدى للعنبر لادخال هذه الافواج بالترتيب والسماح لهم فقط لبضع دقائق واخراجهم لافساح المجال للاخرين ، وربما لم يخلو الجو من بعض المناقشات الحادة والتى كانت تدور حول اعتراض بعض الزوار على محدودية زمن الزيارة حيث يريدون ان يمكثوا اطول فترة ممكنة مع المريض .
ان علاقة الفقيد لم تكن على الجانب الشعبى بل على المستوى الرسمي ايضا كانت تربطه وبحكم عمله فى مجال المقاولات علاقة ممتازة بمصلحة الاراضى بالمدينة ، و"الماظ كدانى محارى " وجه يؤكد هذه العلاقة وهى واحدة من الفتيات العاملات فى شؤون الاراضى وكانت تكن له شديد الاحترام ، وفى يوم وفاته كان حزينة للغاية حيث ذكرت انه كانت تعتبره فى مقام والدها ومن الكلمات التى لا تفارق شفتيها : " لم ارى التزاما مثل هذا الالتزام فكل الضرائب الحاج مسددة فى وقتها وزمانها ". وفى احدى المرات ذهبت شقيقتى الى مصلحة الاراضى لتدفع الضرائب وكانت الملفات التى تحملها كثيرة ، مما يتطلب زمنا اضافيا فى التحقيق والتدقيق فى تلك الملفات ولكن عندما ادركت العاملة ان هذه الملفات تخص الفقيد الحاج محمد سعيد قامت بما يلزم على وجه السرعة وفى زمن قياسى نسبة لثقتها العمياء فى الحاج واداءه لكل الالتزامات والضرائب وهى تقول " هذه الملفات ملفات ابى الملتزم بالقانون ". ومما يدل كذلك على عمق العلاقة بين الفقيد ومجتمع مدينة صنعفى حتى المتواجدين منه خارج المدينة ذلك الموقف الذى حدث فى مستشفى سمبل فى العاصمة اسمرا وهو مستشفى يقع بجوار مطار اسمرا الدولى ، حيث ذهب المرحوم وشقيقه محمد صنعفى الى هذا المستشفى وكانوا فى صالة الانتظار والالم باديا على وجه المرحوم ، وجاءت احدى الممرضات وتعاملت معهما كانها تعرفهما ، واخذت تتحرك معهما يمينا ويسارا تجوب العنابر والمكاتب كانها الشخص المرافق للمريض فسأل عمى محمد صنعفى اخوه عنها ولكن المرحوم لم يعرفها واضطروا فى النهاية ان يسألوها ان كانت تعرف المريض فقالت : (ابوي محمد سعيد زي فلط ود صنعفي الو ديو) اي "وهل هناك من لايعرف ابوى محمد سعيد فى صنعفى وهنا سالها الوالد عن اسم والدها واستطاع التعرف على اسمه واسرته وهم من سكان مدينة صنعفى . وهكذا فى كل يوم يلاقى اناس جدد يعرفونه معرفة تامة بينما كان يجد نفسه فى موقف حرج حينما لا يتمكن من معرفتهم لانه كان من العسير عليه ان يعرف اسماء كل القاطنين بمدينة صنعفى .